أحاديث سوق النجارين في "المعرة"... ضيوف وخبايا عافها الزمن
+2
owayse
morad
6 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
أحاديث سوق النجارين في "المعرة"... ضيوف وخبايا عافها الزمن
أمنيات وأمنيات، ذكريات وخواطر أخرى سرعان ما تنصب على الدماغ، وجوه بشوشة يملأ الشيب قممها، وأيدٍ متعبة تجلس مستريحة على أبواب المحال هاربة من ظلمة الداخل، كل ذلك تلحظه حين تدخل سوق النجارين بـ "المعرة"، وحين تطأ المكان يئز رأسك صوت المناشر، فتستمر بالمشي دون إحساس بقدميك رغم ما يعترض حذائك من بقايا الخشب، تلحظك عيون نجاري السوق فينظرون دون إهتمام، لقد ملوا فعلاً الزائرين والسائحين، لكن حين تعلن فضولك، تتهافت القصص والحكايات القديمة عليك من كل صوب، وتُفتح أمامك الخبايا وزوايا محال السوق العتيقة لتُظهرعراقتها وأصالة صنعتها أمام عينيك، وتلك كانت مختصر حكاية الجولة التي قام بها موقع eIdleb لسوق النجارين القديم في "المعرة"، مروراً في البداية بمحل السيد "مروان" النجار العربي الذي حكى لنا قصته مع المزارع صاحب "الحيلان" القديم قائلاً: «منذ سنوات طويلة كنا نصنع "الحيلانات" وهي عبارة عن أدوات ذوات أقواس نصف دائرية مسننة بمنشار من الأسفل يستعملونها في أيام الحصاد لفصل حبة القمح عن القشرة، وجاءني مزارع من إحدى القرى لصناعة "حيلان" له، وفي أيامنا هذه بعد أن بطل إستعمال هذه الأداة، أتى مرة ثانية ليعلن أمام أهل السوق أن "الحيلان" لا يعمل وغير مصنوع بإتقان، فقلت أشتريه منه وأرده إلي بأي ثمن، لأنه أصبح نادراً وأحببت اقتناءه لما يحمل من مكانة، وهنا أعطيته ثمناً جيداً، وحين سمع المزارع ذلك تملكته الحيرة لما فعلت، فتردد وتعجب لما قلته، وقال لا أبيعه بل إنه "حيلان" ممتاز ولا مثيل له أبداً».
هنا يصنعون أدوات الزراعة القديمة التي مازالت أجزاءها وبقاياها إلى يومنا عالقة بطبيعة المكان، أما النجار "أحمد بلاني" فتحدث لنا هو الآخر عن محله وعن شكل الصناعة القديم في السوق قائلاً: «المحل الذي أعمل فيه ورثته عن أبي وأتوقع أن عمره /150/ سنة وقد تحول عن مقهى صغير، وفعلاً يوجد بعض المعالم التي تدل على ذلك، حيث كانت صناعة السوق الخشبية تعتمد على الأعواد والعصي وصناعة العربات الخشبية وتسمى "الشراعية" وهي شاهدة حية موجودة في متحف "المعرة"، أما العصي والأعواد فيصنع منها "أعواد الفِلاحة" و "الفأس" و"المقشة" و"المدراية" وهي أداة لحمل التبن والحشائش و"الرفش" و"الشوكة" و "المنجل" و"المكنسة" و"الجاروف" و"النير"، والكثير مما تحتاجه الأرض ومزارعها في عمله، وتقتصر هذه الصناعات اليوم على جزء من السوق وتعتمد في شغلها على أدوات قديمة أيضاً».
لا بد ولكل من يلج سوق النجارين أن تحمله قدماه دون أن يدري إلى النجار القديم "محمود جدوع" وهو يعمل في نفس المحل منذ /65/ عاماً والذي بادر بالقول: «مكان هذا المحل كان "معصرة"، وبعد تحويله لمصلحة النجارة حُفرت فيه حفرة عميقة لتسنيد أخشاب وأعمدة بيوت "الغمس" القديمة، حيث كانت أعمدة عمارتها طويلة جداً ويلزم وضعها في حفرة بشكل عمودي حتى يستوعب السقف طولها، ومازلت محافظاً على مهنة صناعة العصي وبعض أدوات الزراعة التي بدأت تنقرض بعد ظهور ألات الزراعة الحديثة، ولا يمكنني ترك هذه المهنة لعدم وجود عمل بديل لدي بعد هذا السن، وغالباً ما نستخدم أخشاب "الحور" و"الصفصاف" وأصناف أخرى جيدة مثل "الزان و"السنديان"، وقبل ظهور آلة "المنشرة" كنا نستخدم "القَدوم" وهو يشبه "الفأس" لتقليم العصي وقص العيدان، ونستخدم أدوات خاصة للي العصي بعد تحريقها».
المكان يحتضن في ذاكرته أيضاً، ضيوف من مختلف الجنسيات وهذا ما استذكره "الجدوع" بالقول: «مر الكثير من السواح وعابري السبيل من هنا، واستضفت في محلي المتواضع العديدين منهم، ولا أنسى تلك المرأة الأجنبية التي أرادت من زوجها إلتقاط صور لي برفقتها وأخذت ما يقارب /10/ صور وقالت أنتم كرماء حقاً، وبعد شهر عادت لتعطيني الصور لكنها لم تجدني وعادت أدراجها، ولا زلت أذكر أن أحد السائحين أتى السوق حاملاً كاميرة تلفزيون كبيرة، وعندما أخذه السوق بسحره نسي الكاميرا داخل محلي وذهب، ولم أعلم ما كنت فاعله في هذه الحالة، لكنه عاد مهرولاً بعد نصف ساعة، وأرشدته أن الكاميرا في مكانها لم يمسها أي سوء، وأبدى إعجابه وبهجته باستغراب مبدياً ذلك بالتقاط الصور لي، وبعد مدة طويلة أرسل مكتوباً على خلفية إحدى الصور، يشرح فيه مكان مدينته ومكان منزله ورقمه في ألمانيا، ويدعوني لزيارته في القريب العاجل».
الزمن وحده لم يصل بعد إلى سوق النجارين بـ "المعرة"، ورغم زوال الأشخاص إلا أن السوق باقٍ، وما زالت أصوات طرق الفؤوس تعلو في الآذان ورائحة الأخشاب والأغصان تفوح في الأنوف، وتملأ جذوع الأشجار المختلفة الجنبات، وتُفرش الأرض ببقايا هذه الجذوع وقشورها المحترقة في ثرى حسي ومعنوي بهيج.
[b]
هنا يصنعون أدوات الزراعة القديمة التي مازالت أجزاءها وبقاياها إلى يومنا عالقة بطبيعة المكان، أما النجار "أحمد بلاني" فتحدث لنا هو الآخر عن محله وعن شكل الصناعة القديم في السوق قائلاً: «المحل الذي أعمل فيه ورثته عن أبي وأتوقع أن عمره /150/ سنة وقد تحول عن مقهى صغير، وفعلاً يوجد بعض المعالم التي تدل على ذلك، حيث كانت صناعة السوق الخشبية تعتمد على الأعواد والعصي وصناعة العربات الخشبية وتسمى "الشراعية" وهي شاهدة حية موجودة في متحف "المعرة"، أما العصي والأعواد فيصنع منها "أعواد الفِلاحة" و "الفأس" و"المقشة" و"المدراية" وهي أداة لحمل التبن والحشائش و"الرفش" و"الشوكة" و "المنجل" و"المكنسة" و"الجاروف" و"النير"، والكثير مما تحتاجه الأرض ومزارعها في عمله، وتقتصر هذه الصناعات اليوم على جزء من السوق وتعتمد في شغلها على أدوات قديمة أيضاً».
لا بد ولكل من يلج سوق النجارين أن تحمله قدماه دون أن يدري إلى النجار القديم "محمود جدوع" وهو يعمل في نفس المحل منذ /65/ عاماً والذي بادر بالقول: «مكان هذا المحل كان "معصرة"، وبعد تحويله لمصلحة النجارة حُفرت فيه حفرة عميقة لتسنيد أخشاب وأعمدة بيوت "الغمس" القديمة، حيث كانت أعمدة عمارتها طويلة جداً ويلزم وضعها في حفرة بشكل عمودي حتى يستوعب السقف طولها، ومازلت محافظاً على مهنة صناعة العصي وبعض أدوات الزراعة التي بدأت تنقرض بعد ظهور ألات الزراعة الحديثة، ولا يمكنني ترك هذه المهنة لعدم وجود عمل بديل لدي بعد هذا السن، وغالباً ما نستخدم أخشاب "الحور" و"الصفصاف" وأصناف أخرى جيدة مثل "الزان و"السنديان"، وقبل ظهور آلة "المنشرة" كنا نستخدم "القَدوم" وهو يشبه "الفأس" لتقليم العصي وقص العيدان، ونستخدم أدوات خاصة للي العصي بعد تحريقها».
المكان يحتضن في ذاكرته أيضاً، ضيوف من مختلف الجنسيات وهذا ما استذكره "الجدوع" بالقول: «مر الكثير من السواح وعابري السبيل من هنا، واستضفت في محلي المتواضع العديدين منهم، ولا أنسى تلك المرأة الأجنبية التي أرادت من زوجها إلتقاط صور لي برفقتها وأخذت ما يقارب /10/ صور وقالت أنتم كرماء حقاً، وبعد شهر عادت لتعطيني الصور لكنها لم تجدني وعادت أدراجها، ولا زلت أذكر أن أحد السائحين أتى السوق حاملاً كاميرة تلفزيون كبيرة، وعندما أخذه السوق بسحره نسي الكاميرا داخل محلي وذهب، ولم أعلم ما كنت فاعله في هذه الحالة، لكنه عاد مهرولاً بعد نصف ساعة، وأرشدته أن الكاميرا في مكانها لم يمسها أي سوء، وأبدى إعجابه وبهجته باستغراب مبدياً ذلك بالتقاط الصور لي، وبعد مدة طويلة أرسل مكتوباً على خلفية إحدى الصور، يشرح فيه مكان مدينته ومكان منزله ورقمه في ألمانيا، ويدعوني لزيارته في القريب العاجل».
الزمن وحده لم يصل بعد إلى سوق النجارين بـ "المعرة"، ورغم زوال الأشخاص إلا أن السوق باقٍ، وما زالت أصوات طرق الفؤوس تعلو في الآذان ورائحة الأخشاب والأغصان تفوح في الأنوف، وتملأ جذوع الأشجار المختلفة الجنبات، وتُفرش الأرض ببقايا هذه الجذوع وقشورها المحترقة في ثرى حسي ومعنوي بهيج.
[b]
morad- المدير العام
-
العمر : 42
البلد : سورية الأسد
عدد المشاركات : 640
تاريخ التسجيل : 18/07/2009
الأوسمة الممنوحة :
owayse- عضو مبتدأ
-
العمر : 31
البلد : syria
عدد المشاركات : 249
تاريخ التسجيل : 19/09/2008
owayse- عضو مبتدأ
-
العمر : 31
البلد : syria
عدد المشاركات : 249
تاريخ التسجيل : 19/09/2008
مشكور
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
مشكلر يا أخي بارك الله بك لنشرك أمور تهم البلد بالعراقه والحضاره
سوق النجارين بدأ لفظ أنفاسه الأخيره مع تطور الزمن
فأنا جلست في صغري في السوق نفسه
عند خالي الشيخ أحمد
بين سوق الأحذيه وسوق النجارين
وكانت أوقات ممتعه في ايام الطفوله
وكام شاهدتم في الصور
بائع الأحذيه ابو محمود محلول والزميل محمد كريدي يمارس مهنته في تعديل العصي لتصبح مستويه
طبعا محل ابو محمود لايبعد عن محل محمد كريدي 10 امتار فقط
اه على أيام مضت
مشكر يا غالي
تقبل مروري
رد: أحاديث سوق النجارين في "المعرة"... ضيوف وخبايا عافها الزمن
والله يا مراد رجعتنا سنين وسنين بذكريات المعرة الحبيبة
saher- عضو جديد
-
العمر : 57
البلد : دمشق
عدد المشاركات : 10
تاريخ التسجيل : 22/10/2009
رد: أحاديث سوق النجارين في "المعرة"... ضيوف وخبايا عافها الزمن
أهلاً بك ولمزيد إن شالله بس تابع المنتدى وموقع eidleb.sy
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
morad- المدير العام
-
العمر : 42
البلد : سورية الأسد
عدد المشاركات : 640
تاريخ التسجيل : 18/07/2009
الأوسمة الممنوحة :
رد: أحاديث سوق النجارين في "المعرة"... ضيوف وخبايا عافها الزمن
أخبار المعره حلوه مشكور أخي مراد
شكرا
شكرا
ياسمين- مشرفة
-
العمر : 33
البلد : السعوديه
المزاج : متفائله
عدد المشاركات : 298
تاريخ التسجيل : 04/11/2009
الأوسمة الممنوحة :
رد: أحاديث سوق النجارين في "المعرة"... ضيوف وخبايا عافها الزمن
أهلاً وسهلاً بك يا ياسمين نورت المنتدى ونشالله يعجبك أكتر
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
morad- المدير العام
-
العمر : 42
البلد : سورية الأسد
عدد المشاركات : 640
تاريخ التسجيل : 18/07/2009
الأوسمة الممنوحة :
رد: أحاديث سوق النجارين في "المعرة"... ضيوف وخبايا عافها الزمن
مشكور أخ مراد على الموضوع والله يجزيك الخير على تعبك
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
Abed.S- متوسط الخبرة
-
العمر : 30
البلد : سورية
المزاج : معصب
عدد المشاركات : 603
تاريخ التسجيل : 12/05/2009
رد: أحاديث سوق النجارين في "المعرة"... ضيوف وخبايا عافها الزمن
لا شكر على واجب يا عابد
مشكوووووووووور
مشكوووووووووور
morad- المدير العام
-
العمر : 42
البلد : سورية الأسد
عدد المشاركات : 640
تاريخ التسجيل : 18/07/2009
الأوسمة الممنوحة :
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى