تجميل والموضة ...

تجميل والموضة ...


حين حضرت نهاد/م/إلى مخفر الشرطة لتبلغ عن غياب سميرة ابنتها الصبية ذات الخامسة عشر من العمر،كانت شبه منهارة،فهي لم تكن قادرة على تصديق أن سميرة قد تختفي بين لحظة وأخرى لمجرد الخلاف مع أخيها حول ملابسها،والأقراط التي تضعها في أنفها،صحيح أن أخاها ضربها بعنف وهددها بالقتل إن قامت مرة أخرى بارتداء تلك الملابس،أو وضعت تلك الأقراط،لكن الأم كانت متأكدة من أنه لم يقصد شيئا ًبتهديد أخته، وإنما كان يريد مصلحتها لا أكثر.
مثل هذه القصة تتكرر في كثير من البيوت على شكل خلافات عائلية لا تنتهي،سببها الأقراط والحلي وأشكال الوشم والقصات الغريبة للشعر وما إلى ذلك من /الصرعات/ التي تلجأ إليها العديد من الشباب والفتيات حتى أن مشهد شاب بجديلة،وحلق في أذنه،أو بشعر يشبه القنفذ،أو منظر فتاة وضعت الأقراط في أنفها ولسانها بات مألوفا ًجدا ًفي مجتمعات شرقية،كالمجتمع اللبناني،والذي لا يزال يرى في هذه /المشاهد/ما يدعو إلى النفور،والكثير من الشذوذ.
*الهروب من البيت:
تقول نهاد/م/وهي تبكي أمام ضابط الشرطةلم أكن أعرف أن ردة فعل أبنتي ستكون الهرب من البيت،فالخلاف على المظهر ظاهرة تعنيها معظم الأسر التي فيها فتيات وشبان في مقتبل العمر)وتضيف قبل أن تخنقها دموعها وتستسلم للبكاءلقد سألت عنها الأقارب والمعارف والأصحاب جميعا ًبال جدوى)
يصرّ شقيق سميرة الذي يعمل سائق سيارة أجرة على أن من حقه أن يمنع أخته ولو بالقوة من أن تخرج بملابس خارجية عن المألوف فتلحق العار بأسرتها،ويضرب الأخ كفا ًبكف وهو يصرخ:أنا حين أرى فتاة تعرض نفسها في الشارع ألعنها وأهن أهلها وأبصق عليهم،فكيف أرضى لشقيقتي أن تتمثل بها؟نعم هددتها بالقتل إن ارتدت تلك الملابس التي تكشف بطنها أو وضعت ذلك الحلق في أنفها.
وعلى الرغم من ثورة الأخ وغضبه إلا أنه بدا خائفا وًقلقا ًوربما نادما ًأيضا ًتسرعت في ضربها،ولكن ما حيلتي أمام رفضها وتصلبها وخوفي عليها؟ماذا بإمكاني أن أفعل؟)
*حرية شخصية:
نبيل الزعيم ضد المبالغة في المظهر ويقولمن حق المرأة والرجل أن يحرص على تجميل نفسه وأنا لا أحكم على الناس من خلال مظهرهم الخارجي لأنني مع الحرية الشخصية،وأعتبر لكل عمر جماله الخاص ولكل مكان أو مناسبة مظهرها الخاص) ويشير نبيل إلى أن موضة الحلق والوشم لم تخص الشباب تحت سن العشرين أو الثلاثين بل أنها تشمل الآن من هم في الأربعين من العمر)
*أسلوب الحياة:
باسل رتا/24سنة/يعتبر نموذجا ًللشباب الذي يجسد هذه الظاهرة، شعر طويل منسدل على كتفيه أحيانا ًويجمعه ويربطه كذيل الحصان في أحيان أخرى،ويضع قرطا ًأو أكثر في أذنه حسب رغبته شخصيا ً،درس باسل اللغة الإنكليزية،إذا لم يتسق له أن يكمل دراسته،وباسل الوحيد من بين أخوته الذي أعتمد هذا المظهر والسبب كما يقول :حين كنت في سن المراهقة كنت أحب الإصغاء إلى الموسيقى الغربية وأحب الغناء الغربي،فبدأت التشبه بهم في مظهرهم الخارجي،ولم لا؟إن لهم أسلوبهم الخاص في الحياة.
_هل تعتبرها موضة؟يجيب:/بل أسلوب خاص في الحياة،نحن نعيش حياتنا أقرب إلى النمط الغربي وهذا خيارنا ونعتبره حقنا/
*أنا متمردة:
رفضت /نهى سماره/وهي صبية تضع مجموعة أقراط في أنفها ودبوسا ًأن تتحدث إلينا في البداية،لأنها تعتبر أن مظهرها يخصها وحدها ولا علاقة للآخرين به،وهي تعترف بأن المجتمع لا يزال يرفضها ويعتبرها حالة غير عادية،وبالتالي فإنها وزميلاتها وزملاءها ممن توحدوا في المظهر،أسسوا لأنفسهم مجتمعهم الخاص،وصاروا يرتادون أماكن خاصة،ولا يهتمون عادة لنظر الآخرين بل يسخرون من دهشة الناس واستغرابهم وهؤلاء يعتبرون أنهم يتماشون مع العصر وأنهم منفتحون على كل جديد لا بد خوف المجتمع منهم واعتبارهم في كثير من الحالات أشبه بالوباء وبشيء من العصبية تضيف/نهى/نعم أن متمردة على كل القوانين التي تريد أن تضيفني في قالب خاص،لي عالمي وخياراتي وأرفض أن تحكمني قوالب جامدة).
*الموضة ضمن المعقول:
تقول حنان عبد اللطيف/أخصائية في التجميل/:إنها مع الموضة وتضع أحيانا ًالحلق في الأنف ولكن في المناسبات ولا تقدم إلا ما يزيدها جمالا ًوتعتبر أنها مع الموضة في حدود المعقول وضدها أذا كانت تتعارض مع مجتمعنا وتقاليدنا،وتعتبر أن تطويل الشعر وتشبه الشباب بالفتيات والفتيات بالشباب هو صرعة مرفوضة،وهي تؤكد أنها ستعمل على إرشاد ابنتها وستتركها تجرب ولكن ضمن المعقول
*أنا ضد هذه المظاهر:
/رولا مطر/ترفض هذه الظاهرة لأنها لم تعد تقف عند حد،حلق على البطن وعلى الجبين،وفي الأذن ودستة أقراط،وفوق البطن أشكال من الوشم تظهر للناس من خلال الملابس الغريبة،أنا ضد هذه المظاهر التي تغزونا بها أمريكا واعتبرها دخيلة على مجتمعنا وتعمل على هدمه وتقويضه،وتتابع: الفتاة التي تحترم نفسها لا تناسق وراء هذه الصرعات،وأنا كفتاة لن أنظر إلى شاب يتشبه بالفتاة ولن أحترمه
*كيف ننظر إلى هذه المظهر وكيف يفسره علم النفس؟!
تجيب/نجاة إبراهيم/:علينا أن نعتبر المظهر النافر حالة تعبير عن رفض السلطة بكل أشكالها،وفي هذه الحالة نجد أن الشباب يلجأ إلى مجموعات من السن نفسها ولها المعانات ذاتها فيشكلون معا ً مجتمعاتهم الخاص لمواجهة عالم الراشدين.
أما الحلول فترى د.نجاة:أن على الأهل معرفة أنها مرحلة وستنتهي ،وبالتالي فهم يساعدون على إنهائها باتخاذ موقف متفهم وليس بمواجهتها كظاهرة.

مشكور وألهلا وسهلبا فيك أخي الكريم